يتمثل دور الأسرة في التعامل مع قضية أو مشكلة الابتزاز الالكتروني في عدة أمور هامة يجب على الجميع الوعي بها حيث تعتبر مشكلة الابتزاز من أهم المشكلات المعاصرة التي يمكن أن تشكل تهديدًا حقيقيًا لأمان واستقرار المجتمعات.
ومن الجدير بالذكر أن الأسرة من شأنها أن تؤدي دورًا مهمًا وفعالًا في التعامل مع المشكلات من هذا النوع والحد من تفشيها بشكل يصعب التعامل معه والسيطرة عليه.
إذ تعد الأسرة بمثابة البيئة التي تحتضن الفرد وتساهم بشكل كبير في بناء شخصيته وغرس القيم والأخلاقيات التي من شأنها أن تشكل درعًا يساعده في مواجهة أيّ ضغوط قد تعترض طريقه بما في ذلك مشكلة الابتزاز.
حيث يقع على عاتق الأسرة التوعية والوقاية لمختلف عناصرها بمعنى الابتزاز وشتى أساليبه وأدواته عن طريق إتاحة لغة حوار صادق وحر ومفتوح بين مختلف الأفراد من جميع الأعمار أطفال وشباب حول الابتزاز وكيفية حدوثه تأثيره السلبي على نفسية ومستقبل المُتعرض له.
بالإضافة إلى ذلك، تتولى الأسرة مسؤولية ترسيخ السلوكيات القويمة ومقاومة السلوكيات الخاطئة والتي قد تؤدي للوقوع في فخ الابتزاز والعمل على تعزيز الثقة بالنفس ومشاعر الانتماء وحرية التعبير والتحلي بالشجاعة والثقة والحكمة والصبر والتصدي المنحرفين والسلبيين ببسالة وفي حال تمكنت الأسرة من التعامل بفعالية مع هذه الإشكالية فإنها سوف تلعب دورًا مهما في حماية جميع أفرادها وتعزز استقرار المجتمع بشكل عام.
دور الأسرة في التعامل مع مشكلة الابتزاز
تُعتبر مشكلة الابتزاز من المشكلات الاجتماعية المنتشرة في شتى أنحاء العالم، ويُعد دور الأسرة في التوعية بهذه المشكلة وتبعاته وكيفية التعامل معها من بين أبرز العناصر المساهمة في مكافحة الابتزاز بفعالية.
ولاسيما عند تعرض أحد أفراد هذه الأسرة لواقعة ابتزاز، حيث يكون على الأسرة التعامل مع الأمر بوعي وحرص للخروج من الأزمة بأقل الخسائر والقضاء عليها في أسرع وقت ممكن مع التزام السرية التامة، حيث يتمثل الدور الذي تؤديه الأسرة في التعامل مع قضايا الابتزاز فيما يلي.
أولًا: التوعية والوقاية
تؤدي الأسرة دور مهم وحاسم في التوعية والوقاية من الابتزاز إذ تعد هي أول مكان يتلقى الأفراد فيه ما يلزم من إرشادات وتوجيهات تفيد في التعرف على أشكال الابتزاز وكيفية التعامل معه والوقاية من الوقوع فيه إذ يقع على عاتق الأهل توعية جميع أفراد الأسرة بشتى صور الابتزاز المالي والجنسي والمعنوي وشرح تداعياته الضارة.
وإلى جانب التوعية من الضروري أن تعد الأسرة أفرادها للوقاية من الابتزاز وذلك عن طريق ترك المساحة الكافية لمناقشة المسائل المتعلقة به وتوفير المعلومات اللازمة حوله والتدعيم بالأمثلة الملائمة.
بالإضافة إلى تعزيز ثقتهم واحترامهم لأنفسهم وتوجيههم نحو تطوير مهاراتهم في الاتصال الفعال والتعبير عن آرائهم ورغباتهم وتولي مسؤولية الدفاع عن حقوقهم بثقة وتصميم.
فمن الضروري أن تعد الأسرة بمثابة مظلة حماية قوية بالنسبة لجميع أفرادها لتقوى على إطفاء نار الابتزاز قبل اشتعالها بالمصارحة والمساندة، وبذلك تستطيع تحصين أفرادها وأن تقدم لهم الأدوات اللازمة للوقاية والمواجهة للحيلولة.
ثانيًا: التفهم وتقبل خطأ المُتعرض للابتزاز الإلكتروني
ففي الأسرة الواعية والداعمة يستطيع مختلف أفراد الأسرة تفهم مشكلة المُتعرض للابتزاز الإلكتروني وقبوله والسماح له بالتحدث والتعبير عن مشاعره بمنتهى الحرية والاعتراف بشجاعة ومحاولة التعامل معه بالصورة الصحيحة دون قلق أو خوف من التعرض للوم أو الانتقاد أو إصدار الأحكام المتعسفة.
إلى جانب ذلك يستطيع الأهل تنمية شعور المُتعرض للابتزاز الإلكتروني بمزيد من الثقة في ذاته وفي تصرفاته وقبول فكرة أن الخطأ لا يعد مصدر خزي وعار بقدر ما يعتبر فرصة تعلم وتطوير.
فمن خلال فهم الأسرة وتقبلها لخطأ المُتعرض للابتزاز الإلكتروني تستطيع احتضانه ومنحه الدعم العاطفي الذي يحتاج إليه للشفاء تمامًا من مخاطر التعرض للابتزاز وترميم ثقته في ذاته واستعادته الشعور بالأمان.
ثالثًا: دعم ومساندة المُتعرض للابتزاز الإلكتروني
يتعين كذلك على الأسرة الواعية المتفهمة مساندة المُتعرض للابتزاز الإلكتروني وتقديم الدعم اللازم له عن طريق التكتم الشديد والحرص على التزام السرية التامة فيما يتعلق بواقعة الابتزاز التي تعرض لها.
والامتناع عن الكشف عن أيّ معلومة للآخرين دون إذن مسبق منه حتى وإن كان هؤلاء الآخرين هم من المتخصصين في مكافحة جرائم الابتزاز حتى يشعر المُتعرض للابتزاز الإلكتروني بالحماية والطمأنينة.
كما يجدر على الأسرة تقديم الدعم النفسي والعاطفي للمُتعرض للابتزاز الإلكتروني عن طريق مراعاة أن تتصدر احتياجاته قائمة الأولويات مع العمل الدائم على منحه الرعاية التي يحتاج إليه.
وإظهار أن جميع أفراد الأسرة على أتم استعداد دائمًا للوقوف جانبه في محنته وعدم تركه بمفرده مهما قست الأوضاع. وتنسيق مسألة البحث عن الدعم والمساعدة من جهة متخصصة مع المُتعرض للابتزاز الإلكتروني وبعمله وموافقته دون ممارسة أيّ ضغط عليه.
ومن ثم يكون للأسرة دورًا مهما في تقديم المساندة للمُتعرض للابتزاز الإلكتروني بالشكل الذي يساعده في التغلب على الأمر برمته والخروج من أزمته والتعافي من التبعات.
رابعًا: التحرك تقنيًا وقانونيًا
تستطيع الأسرة المساهمة في التحرك القانوني والتقني لمواجهة الابتزاز الذي تعرض له أحد أفرادها من خلال العمل على تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهذا المُتعرض للابتزاز الإلكتروني.
مع مساعدته في تقبل ذاته وواقعه والتعامل مع مشكلته بشجاعة بالإضافة إلى حثه على الكشف طواعية عن تفاصيل المعاناة التي يعيشها لأحد الجهات المختصة أملًا في الحصول على المساعدة اللازمة والعثور على حل عملي.
ومن الناحية التقنية بمقدور الأسرة تأمين جميع الأجهزة الإلكترونية الخاصة بأفرادها من هواتف الحواسيب وأجهزة لوحية مع مراعاة تفعيل برامج فعالة لأمان أفرادها في مواجهة مخاطر التكنولوجيا ومنع الاستخدام الضار ولاسيما أن كانوا صغارًا أو مراهقين يتطلعون المغامرة والتجريب.
كما يجدر بالأسرة توجيه المُتعرض للابتزاز الإلكتروني للجهات القانونية مثل محامي قضايا ابتزاز والذي يمكنه تقديم العون له وتعزيز الوعي الكامل لديه بحقوقه كمتضرر وإرشاده إلى الإجراءات القانونية المتاحة له لحماية نفسه وضمان نيل الجناة المتورطين ما يستحقون من عقوبة قانونية.
وفي هذا الصدد من شأن الأسرة المساهمة في تقديم دلائل قوية تعزز اتهام القائم بالابتزاز الإلكتروني وتدعم موقف المتعرض للابتزاز الإلكتروني المتضرر من الناحية القانونية وهذا ما يكفل له المحافظة على كرامته وحماية حقوقه.
وفي النهاية يمكن القول أن التعاون والتنسيق المستمر بين الأسرة والجهات المعنية سواء بالتربية والتعليم أو جهات المكافحة للجرائم الإلكترونية للعمل على توفير القدر الكافي من الدعم للمُتعرض للابتزاز الإلكتروني وبث الشعور بالأمان والحماية بداخله.
ونستطيع القول أن الدور الذي تؤديه الأسرة في التعامل مع قضايا الابتزاز من الأدوار المهمة التي لا يمكن تجاهلها، ولاسيما أنها هي المكان الأول الذي يتلقى فيه الأفراد تعلم معايير الصواب والخطأ واحترام الذات والآخر.
وفي حال مواجهة أحد أفراد الأسرة جرم ابتزاز يقع على عاتق جميع أفراد الأسرة التحلي بالصبر قدر الإمكان والتفهم وتقديم الدعم النفسي والعاطفي لهذا الفرد.
كما يتعين على هذه الأسرة السعي لتعزيز وعي أفرادها بأهمية الإفصاح عن حالات الابتزاز والكشف عن مبارياتها وإبلاغ الجهات المختصة بها.
وأخيرًا من الضروري تعاون جميع أفراد الأسرة لتعزيز ثقة المُتعرض للابتزاز الإلكتروني بهم وحثه على المواجهة والسعي لعلاج مشكلة الابتزاز والتخلص من تداعياتها على شتى جوانب الحياة لإحراز التقدم على جميع الأصعدة وتوفير بيئة آمنة لجميع الأفراد.
أسئلة شائعة
يعد دور الأسرة من ابرز العناصر المهمة والفعالة في التعامل مع مشكلة الابتزاز حيث أن ضعف وعي الأسرة بالأمن السيبراني وإجراءات السلامة الرقمية أثناء استخدام الإنترنت وغياب الرقابة الأسرية والتفكك الأسري والإهمال الأسري وغياب الحوار والمناقشة والاهتمام الزائد والتدليل يسهم في وقوع الأبناء في الابتزاز الإلكتروني.
هناك عدة طرق يمكن للأسرة من خلالها التعامل مع مشكلة الابتزاز وأولها تعزيز الوعي بالحقوق من خلال التضامن الأسري حيث يمكن نقل المبادئ والقيم التي تحمي حقوق الأفراد داخل الأسرة بما في ذلك حقهم في السلامة والأمان وهذا يمكن أن يساهم في تمكين الأفراد للتصدي للابتزاز والدفاع عن انفسهم بكفاءة أكثر. وثانياً تعاطف الأسرة مع الفرد والتعامل معه كونه ضحية ناجيه وليس فرد مذنب مع عدم التوبيخ الشديد. وثالثاً تعزيز الروابط الاجتماعية حيث يمكن للأسرة دعم الفرد المتعرض للاستغلال عبر تشجيعه على المشاركة في أنشطة اجتماعية وتعزيز التواصل مع الأصدقاء والمجتمع المحيط به. ورابعاً يجب معرفة تفاصيل المشكلة والذي من شأنه التوصل إلى حل للمشكلة بشكل أسرع.
أول تصرف يجب الانتباه له هو التجاهل وعدم الاعتراف بمشكلة الابتزاز مما قد يؤدي إلى تفاقم الأمر. وثاني تصرف سلبي لا يجب على الأسرة القيام به هو التهديد والعقاب حيث يجب ألا يتم تهديد الفرد ووضع العقوبات التي قد تزيد من شعوره بالعزلة والضغط. كما يجب عدم تقييم الأوضاع بشكل سطحي دون فهم الجوانب العاطفية والنفسية للفرد.
عندما يواجه الفرد الابتزاز يجب عليه إخطار السلطات المعنية وأسرته بالوضع، قد يقوم صديق المتعرض للاستغلال بالإبلاغ نيابة عنه بسبب الانهيار الأسري، كما يمكن اكتشافه عن طريق المستشار الاجتماعي في المدرسة من خلال تدهور الأداء الأكاديمي والقيام بالواجبات بسبب التشتت والضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الشخص وتوجيه الأسرة بهذه المعلومات، كما أنه أيضًا في بعض الحالات الأخرى تكون قد تعرض الضحية إلى درجة خطيرة للابتزاز مما قد يتم معرفته من خلال مركز الشرطة عن طريق بلاغ الضحية عن الشخص.
يجب توعية الوالدين والأبناء بضروة الانضمام للدورات والتوعيات التي تعدها المؤسسات الاجتماعية في المجتمع والتي تهدف إلى كيفيه حماية الأبناء وتثقيف الأباء في كيفية حماية الأبناء من الجرائم الإلكترونية أثناء استخدامهم لشبكة الإنترنت وأساليب الاستخدام الامن للإنترنت التي تمكنهم من توجيه أبناءهم وتوسيع مداركهم حول السلامة الرقمية. كما يجب التركيز على أهميه تكوين علاقه عاطفية مع الأبناء واحتوائهم وكسب ثقتهم وتبني الحوار والمناقشة كأسلوب للتفاهم بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لهم.
قد يتسبب الابتزاز الإلكتروني في مشاكل قانونية لأفراد الأسرة سواء بسبب الأنشطة الغير قانونية التي يتعرضون لها أو بسبب تورطهم في إجراءات قانونية نتيجة مواجهتهم للابتزاز. كما قد يؤدي الابتزاز إلى فقدان الثقة والاستقرار العائلي بين أفراد الأسرة وتأثير سلبي على الاستقرار العائلي خاصة إذا كان هناك تورط أحد الأفراد في أنشطة غير مشروعة مما قد يتسبب أيضًا في تأثر العلاقات الاجتماعية حيث يشعر الفرد بالعار والخجل إذا تم كشف محتوى المعلومات المستهدفة. كما قد يؤدي الابتزاز إلى فقدان السيطرة على المعلومات الشخصية مما يعرض سلامة أفراد الأسرة الشخصية في خطر. كما يؤثر أيضاً الابتزاز على المال والاقتصاد حيث أن يكون الهدف من الابتزاز في بعض الحالات الحصول على الأموال من الأفراد أو الأسرة مما قد يؤثر على وضعهم المالي واستقرارهم.
تم التحديث في 3 سبتمبر، 2024 بواسطة بصمة أمان للأمن السيبراني